أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل خيار التصرية له أجلًا لا يزيد عن ثلاثة أيام، فكذلك خيار الشرط.
[ويناقش]
أولًا: الحنفية لا يأخذون بالحديث، فهم لا يرون التصرية عيبًا ترد به الشاة، كما بيناه فيما سبق، ويرون أن رد الصاع من التمر بدلًا من الحليب على خلاف القياس عندهم، فهم لا يأخذون بالحديث، ولا يصححونه، فكيف يحتجون به في توقيت الخيار بثلاثة أيام، فهذا من عجيب الاستدلال (١).
ثانيًا: أن الخيار في التصرية هو من قبيل خيار العيب، وهو يختلف عن خيار الشرط، فخيار الشرط: هو خيار ينعقد بإرادة المتعاقدين واتفاقهما، وإرادتهما مطلقة في المدة التي يختارونها، بينما هذا: خيار يثبت لصاحبه الذي تعرض للغش والخداع والتدليس، فكيف يحتج به في غير بابه.
وبمعنى آخر: أن خيار التصرية ثابت بالشرع، وخيار الشرط لا يثبت إلا بالاشتراط.
ثالثًا: أن توقيت الخيار في ثلاثة أيام في خيار التصرية: هو خاص في التصرية خاصة، وذلك أن عيب التصرية غالبًا لا يعلم فيما دون ذلك، بينما غيره من السلع قد يتطلب الأمر أكثر من ثلاثة أيام لمعرفة عيوب السلعة، وهذا ظاهر.
(١) استدل بحديث التصرية السرخسي في المبسوط (١٣/ ٣٨)، ويرى الحنفية أن المشتري إذا اشترى شاة مصراة، واشترط له الخيار ثلاثة أيام نفعه الشرط، وإن لم يشترط فليس له ذلك، لأن التصرية ليست عيبًا عندهم يوجب الرد، وهذا الرأي خلاف حديث أبي هريرة المتفق عليه.