وإذا أذن الشرع بالاستمتاع بالجلد قبل الدبغ، كان ذلك دليلًا على ماليته، وعلى جواز بيعه، وتنجسه لا يمنع من بيعه باعتبار أن تطهيره ممكن فهو بمنزلة الثوب المتنجس يجوز بيعه.
[وأجيب]
بأن هناك فرقًا بين جلد الميتة، وبين الثوب المتنجس، فالثوب المتنجس نجاسته طارئة، بخلاف جلد الميتة فإن نجاسته بسبب الرطوبات المتصلة به بأصل الخلقة، فصار كلحم الميتة.
ويجاب: بأن هذا التفريق ليس مؤثرًا في الحكم، ما دام أن عينه طاهرة، ونجاسته نجاسة مجاورة بسبب ما لصق به من تلك الرطوبات النجسة، والجلد هو المقصود بالعقد، وليس المقصود بالعقد تلك الرطوبات النجسة اللاصقة بالجلد، والقابلة للنزع.
دليل من قال: لا يجوز بيع الجلد مطلقًا قبل الدبغ وبعده.
[الدليل الأول]
(ح-١٥١) ما رواه ابن أبي شيبة من طريق شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،
عن عبد الله بن عكيم، قال: أتانا كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنا غلام: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب (١).
[وجه الاستدلال]
أن البيع من وجوه الانتفاع، فوجب أن يكون منهيًا عنه.
(١) سبق تخريجه في كتابي موسوعة أحكام الطهارة رقم الحديث: ١٣٠.