أن عقد القرض من عقود التبرع؛ لأنه لا يقابله عوض في الحال، ولا يملكه من لا يملك التبرع، ولا يجوز قصد التكسب منه، وإذا كان من عقود التبرع فلا يكفي الإيجاب والقبول في ثبوت الملك، وإنما يشترط فيها تسليم العين كسائر عقود التبرع من هبة، وصدقة، وإعارة، وإيداع.
(ث-٢٥٢) فقد روى مالك في الموطأ، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير،
عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث .... (١).
[إسناده صحيح]
فهذا الصديق الخليفة الراشد وعد ابنته، ولما لم تقبضه في حال صحته لم ير لزومه، لكون الهبة من عقود التبرع، لا تلزم إلا بالقبض، والقرض مثله، فهو تبرع، لا يقصد منه المعاوضة، ووجوب رد البدل لا يجعله من عقود المعاوضات كما أن عقد الإعارة يوجب رد العين المستعارة، وهو من عقود التبرع.