وإنما انقلب صحيحًا عند الحنفية بناء على مذهبهم في التفريق بين الباطل والفاسد خلافًا للجمهور: فالحنفية يرون أن العقد الفاسد ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه، وأنه ينفذ بمجرد زوال صفة الإفساد، وهذا العقد فاسد لأن الخلل تطرق إلى اشتراط الخيار، وهو كالوصف في العقد.
وقد تقدم تقرير مذهبهم، ومناقشته في مسألة سابقة في كتاب الشروط الجعلية، فأغنى عن إعادته هنا.
[دليل المالكية على أنه يجوز، وتقدر المدة بقدر الحاجة]
ذكر المالكية أن خيار الشرط له قدر في الشرع، وذلك قدر الحاجة إليه في كل نوع من المبيع، فإذا أخلا بذكره فقد دخلا على المعروف، ألا ترى أنهما لو زادا عليه لفسد العقد به، ولم يثبت لهما ما زاداه.
[ويناقش]
بأن هذا الدليل قائم على دعوى أن الشرع قد قدر لكل سلعة من المبيع مدة محدودة في خيار الشرط، فإذا لم يذكر العاقدان المدة رجعا إليه، ولكن القول بأن الشرع قد حدد مدة الخيار لكل سلعة دعوى لا دليل عليها، وليس هناك توقيف من الشارع في ذكر مدة الخيار، فإذا أخلا بذكر الأجل كان الأجل مجهولًا، والأجل المجهول يؤدي إلى فساد العقد، والله أعلم.
[دليل الشافعية والحنابلة وزفر على بطلان العقد]
أن العقد باطل؛ لأن الجهالة في مدة الخيار من الغرر المؤثر في صحة العقد، فلا يصح العقد، ولا ينقلب صحيحًا إذا أجازه في الثلاثة الأيام، لأن العقد لما انعقد باطلًا لا يمكن له أن ينقلب صحيحًا، وإنما يحتاج إلى عقد جديد، والله أعلم.