للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثالث]

قال مالك: من حط من سعر السوق أقيم (١).

واختلف أصحابه في تفسير ذلك:

فقيل: من حط من الثمن، ومعنى هذا: أنه يجوز الزيادة في الثمن عن سعر السوق، وهذا اختيار ابن عبد البر (٢)، وأبي الوليد الباجي في المنتقى (٣)، والزرقاني في شرحه على الموطأ (٤).

وقيل: من حط من المثمن، ومعنى هذا: أنه يجوز الحط من الثمن عن سعر السوق، وهذا ما اختاره ابن وهب (٥)، وابن رشد الجد (٦)،

والقاضي


(١) المعيار المعرب (٦/ ٤٠٩)، الكافي لابن عبد البر (ص: ٣٦٠).
(٢) قال ابن عبد البر في الكافي (ص: ٣٦٠): «ولم ير مالك رحمه الله أن يخرج أحد من السوق، إن لم ينقص من السعر، قال: وحسبه من كره الشراء منه اشترى من غيره» اهـ يعني: إذا زاد على أهل السوق فمن كره الشراء منه اشترى من غيره. وانظر الاستذكار (٢٠/ ٧٤).
(٣) المنتقى (٥/ ١٧ - ١٨).
(٤) شرح الزرقاني على موطأ مالك (٣/ ٣٨١).
(٥) جاء في الاستذكار (٢٠/ ٧٣) عن ابن وهب أنه قال: «سمعت مالك بن أنس يقول: لا يسعر على أهل الأسواق، فإن ذلك ظلم، ولكن إذا كان في السوق عشرة أصوع، فحط هذا صاعًا، أمر أن يخرج من السوق».
(٦) جاء في البيان والتحصيل (٩/ ٣٠٥): «قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يجوز للرجل أن يبيع الطعام في السوق بدون بيع الناس، معناه: بدون بيع الناس في المثمون، لا في الثمن، وذلك مثل أن يكون الناس يبيعون مثل ذلك الطعام أربعة بدرهم، فلا يجوز له هو أن يبيع ثلاثة بدرهم ....... وقد ذهب بعض الناس تأويلًا على رواية ابن القاسم هذه، وما كان مثلها: أن الواحد، والاثنين من أهل السوق، ليس لهم أن يبيعوا بأرخص مما يبيع أهل السوق؛ لأنه ضرر بهم، وممن ذهب إلى ذلك أبو محمد عبد الوهاب بن نصر البغدادي، وهو غلط ظاهر؛ إذ لا يلام أحد على المسامحة في البيع، والحطيطة فيه، بل يشكر على ذلك، إن فعله لوجوه الناس، ويؤجر فيه إذا فعله لوجه الله، وبالله التوفيق».

وما نسبه ابن رشد إلى القاضي عبد الوهاب البغدادي مخالف لما كتبه عبد الوهاب نفسه في كتابه المعونة، انظر نصه في الحاشية التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>