للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافعية (١).

وهذه المسألة ترجع إلى مسألة أخرى: هل الحقوق تورث كما يورث المال، أو الحقوق تسقط بموت أصحابها، ولا تدخلها النيابة؟

والمتأمل أن الحنفية فرقوا بين خيار الشرط وبين خيار العيب، فذهبوا إلى أن خيار الشرط لا يورث، وأثبتوا الميراث في خيار العيب.

[ووجه الفرق عندهم]

أن خيار الشرط: يخير العاقد بين الفسخ والإجازة، ولا يتصور ذلك منه بعد موته، فالخيار لا يخرج عن كونه مشيئة وإرادة، ولا يتصور انتقاله فلا يورث، بخلاف خيار العيب، فإنه حق يلحق العين المملوكة، وهي موروثة، فالعاقد: قد استحق أن يستلم المبيع سليمًا، فكذا الوارث (٢).

أما المالكية والشافعية فلم يفرقوا بين حق وحق، فذهبوا إلى أن الحقوق تورث كما يورث المال.

وإذا كان هذا الحق مما تركه الميت فقد قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء:١٢] فيدخل فيه هذا الحق، فيجب أن يكون للوارث.

ومن جهة القياس: أن هذا خيار ثبت لإصلاح المال، فوجب أن ينتقل بالموت إلى الوارث كخيار العيب (٣).

وقد توسعنا في ذكر ما بقي من حجج القوم في مسألة: هل ينتهي خيار


(١) المجموع (٩/ ٢١٧)، مغني المحتاج (٢/ ٤٥)، الوسيط (٣/ ١٠٤)، روضة الطالبين (٣/ ٤٣٩).
(٢) البحر الرائق (٦/ ١٩).
(٣) انظر المنتقى للباجي (٥/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>