للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني:

لو أن هذا المقدار الفائت معتبر لما جاز إجارة حلي الذهب بالفضة، وقد حكى الماوردي الإجماع على صحته، ونقلته عنه قبل قليل، لأن الإجارة من شرط صحتها عند المانعين أن تكون على المنفعة، ولا تؤدي إلى استهلاك العين أو شيء منها، وإذا أدت إلى استهلاك شيء من العين منعت، فلما جاز إجارة حلي الذهب بالفضة دل على أن هذا المقدار الفائت من العين لا عبرة به، والله أعلم.

[الدليل الثالث]

أن المقصود من إجارة الحلي هو الزينة والجمال، وليس ذلك من المقاصد الأصلية، فأشبه ذلك استئجار التفاح لشمه ونحو ذلك، وهذا غير جائز (١).

[ونوقش]

بأن الزينة مقصودة، وتبذل في تحصيلها الأموال، قال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨].

وقال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢].

[القول الثالث]

يكره، وهو المشهور من مذهب المالكية، واختاره المتأخرون من الحنابلة (٢).

جاء في المدونة: «قلت: أرأيت إن استأجرت حلي ذهب بذهب أو فضة، أيجوز هذا أم لا؟ قال: لا بأس بذلك في قول مالك، وقد أجازه مالك مرة واستثقله مرة أخرى، وقال: لست أراه بالحرام البين، وليس كراء الحلي من أخلاق الناس، وأنا لا أرى به بأسًا» (٣).


(١) انظر المغني (٥/ ٣١٧).
(٢) انظر في مذهب المالكية: شرح الخرشي (٧/ ١٨)، التاج والإكليل (٥/ ٤١٥)، الشرح الكبير (٤/ ١٧)، منح الجليل (٧/ ٤٨٥).
وانظر في كتب الحنابلة: كشاف القناع (٣/ ٥٥٦)، مطالب أولي النهى (٣/ ٥٨٨)، الإنصاف (٦/ ١٨).
(٣) المدونة (٤/ ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>