أن العبرة في العقود بالمعاني، وليس بالألفاظ والمباني، وجميع العقود لا يشترط لها لفظ معين لانعقادها، بل تنعقد بكل لفظ يفهمه المتعاقدان مما تعارفا عليه، وكان معبرًا عن إرادتهما بوضوح لا لبس فيه، ولا إشكال، ولذلك البيع ينعقد بلفظ التمليك، ولا يشترط له لفظ البيع، فكذلك السلم.
[حجة زفر من الحنفية]
القياس ألا ينعقد السلم أصلًا؛ لأنه بيع ما ليس عند الإنسان، وأنه منهي عنه، إلا أن النص جاء بجوازه بلفظ السلم، بقوله (ورخص في السلم)، فوجب الاقتصار عليه؛ لعدم إجزاء سواه.
[ويناقش]
سبق مناقشة دعوى أن السلم على خلاف القياس، والصحيح أن جوازه كان على وفق القياس، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لو أخذنا بمقتضى الاستدلال لقلنا: لا ينعقد حتى بلفظ السلم؛ لأن لفظ السلم لم يرد في السنة، وما يروى منسوبًا إلى السنة بلفظ:(ورخص في السلم) سبق لنا أنه من كلام الفقهاء، وليس له أصل، واللفظ الوارد في السنة هو السلف، كما في حديث ابن عباس المتفق عليه (من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ... ) الخ، وسبق تخريجه، ولم يقل أحد من الفقهاء: إن السلف لا ينعقد بلفظ السلم.
ولذلك نقل بعض الفقهاء عن ابن عمر أنه كره تسميته بالسلم (١).
وجاء في مواهب الجليل: «قال ابن عبد السلام: وكره بعض السلف لفظة