للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث

بيع المعدوم

[م -٣٣٠] يشترط جمهور الفقهاء في المعقود عليه أن يكون مقدورًا على تسليمه، فهل يصح بيع المعدوم باعتبار أن ذلك لا يمكن تسليمه على الأقل في الحال، وإن أمكن ذلك في المآل؟ (١).

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

[القول الأول]

بيع المعدوم لا يجوز، وبه قال الجمهور (٢).


(١) بينا في مسألة سابقة أن القدرة على تسليم المعقود عليه فيها ثلاثة أقوال:
الأول: يشترط القدرة على التسليم في المبيع دون الثمن، وهذا مذهب الحنفية.
الثاني: يشترط القدرة على التسليم في الثمن والمثمن، وهو مذهب الجمهور.
الثالث: لا تشترط القدرة على التسليم في المعقود عليه مطلقًا، لا في الثمن ولا في المثمن، وهو اختيار ابن حزم، وقد ذكرنا أدلة كل قول.
وهذه المسألة لها تعلق في مسألتنا، لأن بيع المعدوم إذا نظر إليه بأنه لا يمكنه تسليمه في الحال كان داخلًا تحت هذا الشرط، وإذا نظر إليه بأنه قد يمكنه تسليمه في المآل لم يدخل في ذلك.
(٢) من الفقهاء من يذكر في شروط المعقود عليه، أن يكون موجودًا وقت العقد كالحنفية، فذكر ابن نجيم في البحر الرائق (٥/ ٢٧٩): «وأما شرائط المعقود عليه: فأن يكون موجودًا .... وأن يكون مقدور التسليم، فلم ينعقد بيع المعدوم».

ويقول الكاساني في الكلام على شروط انعقاد البيع في بدائع الصنائع (٥/ ١٣٨): «وأما الذي يرجع إلى المعقود عليه فأنواع، منها أن يكون موجودًا فلا ينعقد بيع المعدوم .. ».
وفي الفتاوى الهندية (٣/ ٢): «وأما شرائط الانعقاد فأنواع، منها في العاقد ... ومنها في المبيع: وهو أن يكون موجودًا، فلا ينعقد بيع المعدوم .. » وانظر حاشية ابن عابدين (٤/ ٥٠٥).
وقال القرافي المالكي في الفروق (٣/ ٢٩٦): «بيع المجهول الموجود باطل قطعًا، فيبطل بطريق الأولى بيع المعدوم».
وقال الشيرازي في المهذب (١/ ٢٦٢): «ولا يجوز بيع المعدوم كالثمرة التي لم تخلق .. ».
وقال النووي في المجموع (٩/ ٣١٠): «بيع المعدوم باطل بالإجماع ... ».
ويقول ابن قدامة في الكافي (٢/ ١٠): «ولا يجوز بيع المعدوم؛ لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر. رواه مسلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>