(٢) قال في فتح القدير (٧/ ١١٦): «ولو ضرب الأجل، فيما فيه تعامل، يصير سلمًا عند أبي حنيفة، خلافًا لهما، ولو ضربه فيما لا تعامل فيه، يصير سلمًا بالاتفاق». (٣) بدائع الصنائع (٥/ ٣)، تبيين الحقائق (٤/ ١٢٤)، فتح القدير (٧/ ١١٦)، درر الحكام (٢/ ١٩٨)، البحر الرائق (٦/ ١٨٦). والمقصود بذكر الأجل: اشتراط أدنى مدة الأجل في السلم، وهي عند جمهور الحنفية: أقلها: شهر، فإن اشترط أقل من شهر فإنه يصح استصناعًا، ويكون الأجل إنما ذكر للاستعجال، وليس للإمهال، يقول ابن عابدين في حاشيته (٥/ ٢٢٤ - ٢٢٥): «فقد ظهر لك بهذه النقول أن الاستصناع لا جبر فيه إلا إذا كان مؤجلًا بشهر فأكثر، فيصير سلمًا .. ».
فالحنفية يريدون بالأجل عند إطلاقه: الأجل الذي ذكر في السلم، والجمهور على أن أقله شهر، فالشهر يعتبر أقل أجل في السلم. جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (١/ ٤٢٤): «مسائل خمس في الاستصناع: ١ - إذا لم تبين المدة في الأشياء التي جرى التعامل باستصناعها، فالعقد عقد استصناع بالإجماع. ٢ - إذا كانت المدة أقل من شهر، أي لم تبلغ المدة التي يصح بها السلم، والأشياء مما جرى التعامل به على الاستصناع، فهو كذلك عقد استصناع بالإجماع. ٣ - إذا كانت المدة المبينة في الأشياء التي تستصنع عادة شهرًا، أو أكثر من شهر، فهو عقد استصناع عند الصاحبين، وعقد سلم عند الإمام ... الخ ما ذكر. فيؤخذ من هذا أن المشهور عند الحنفية أن الأجل ينقسم إلى قسمين: الأول: أجل للاستعجال. قال في تبيين الحقائق (٤/ ١٢٥): «وإن ذكره - يعني الأجل- على وجه الاستعجال، بأن قال: على أن تفرغ منه غدًا، أو بعد غد، يكون استصناعًا». الثاني: أجل للإمهال، قال صاحب العناية (٧/ ١١٧): «والمراد بضرب الأجل ما ذكر على سبيل الاستمهال .. ». ويقدر كما ذكرنا بأقل مدة يصح فيها السلم، وهي من شهر فأكثر، والله أعلم. وهذه أشهر الأقوال في مذهب الحنفية، وفيه قولان آخران: أحدهما: إن كان ذكر المدة من قبل المستصنع، فهو للاستعجال، ولا يصير به سلمًا، وإن كان الصانع هو الذي ذكر المدة، فهو سلم. وهذا يحكى عن الهندواني. والثاني: قيل: إن ذكر أدنى مدة يتمكن فيها من الفراغ من العمل، فهو استصناع، وإن كان أكثر من ذلك فهو سلم؛ لأن ذلك يختلف باختلاف الأعمال، فلا يمكن تقديره بشيء معلوم.