للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتاجه من العقود مع اجتناب ما نص على تحريمه فقد يؤدي هذا إلى القول بحرية الاشتراط، ولذلك فإن الكلام على حرية الاشتراط يرتبط بالكلام على حرية التعاقد بصفة عامة، بل إن حرية الاشتراط تابعة لحرية التعاقد» (١).

وبذلك تكون أدلة المسألة على أن الأصل في العقود الجواز والصحة نحتج بها على مسألتنا هذه: وهي الأصل في الشروط الجواز والصحة، إذا عرفنا ذلك نأتي إلى ذكر خلاف العلماء في مسألة الأصل في الشروط، وما هو موقف العلماء من إحداث شروط جديدة في العقد.

[م- ٣٩٤] اختلف الفقهاء، هل الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة إلا ما دل على تحريمه دليل شرعي، أو الأصل في الشروط التحريم والبطلان حتى يأتي نص يدل على خلاف ذلك.

وفي المسألة قولان:

[القول الأول]

مذهب الحنابلة: يذهب إلى أن الأصل في الشروط الجواز والصحة، ولا يحرم منها، ولا يبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وإبطاله، وهو أوسع المذاهب على الإطلاق في تصحيح الشروط (٢)، وقريب منه مذهب الإمام مالك (٣).


(١) القواعد والضوابط الفقهية للمعاملات المالية عند ابن تيمية - الحصين (ص:١٤٨) نقلًا من الاشتراط لمصلحة الغير لعباس حسني (ص: ٧٧).
(٢) قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٩/ ١٣٢): أحمد أكثر تصحيحًا للشروط، فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحًا للشروط منه».
(٣) صحح المالكية الشروط التي لا يقتضيها العقد، ولا ينافيها، وفيها مصلحة للعاقد، وهم بهذا أصبحوا قريبين من مذهب الحنابلة، انظر شرح مختصر الخرشي (٥/ ٨٢)، حاشية الدسوقي (٣/ ٦٥)، فتح العلي المالك (١/ ٣٣٨)، منح الجليل (٥/ ٥٨)، ولذلك أشار ابن تيمية إلى أن مذهب مالك قريب من مذهب أحمد في الشروط، ونقلنا كلامه قبل قليل.
كما ذكر الشاطبي في الموافقات (١/ ٢٨٥) بأن الشروط في (العاديات) يعني في غير العبادات، يكتفى فيها بعدم المنافاة؛ لأن الأصل فيها الالتفات إلى المعاني دون التعبد، والأصل فيها الإذن حتى يدل الدليل على خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>