لا ينعقد القرض على الأصح إلا بالصيغة القولية (الإيجاب والقبول) في غير القرض الحكمي، أما القرض الحكمي كالإنفاق على اللقيط المحتاج، وإطعام الجائع، وكسوة العاري فلا يفتقر إلى صيغة: أي إلى إيجاب وقبول، فما دفعه إليهم بنية الرجوع يرجع عليهم، ويكون قرضًا في حقهم (١).
وإطلاق (القرض الحكمي) على ما دفعه الإنسان لغيره لإنقاذه، أو لإنقاذ ماله بنية الرجوع هو اصطلاح شافعي.
[وجه القول باشتراط الصيغة القولية]
الرضا شرط في صحة جميع التصرفات، ففي البيع، قال تعالى:{إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}[النساء: ٢٩].
وفي التبرع قال تعالى:{فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا}[النساء:٤].
والرضا عمل قلبي لا يعلمه إلا الله، فهو أمر خفي فلا بد من لفظ يدل عليه، ويناط به الحكم، سواء كان مما يستقل به الإنسان كالطلاق، والعتاق، والعفو والإبراء، أو غيره مما لا يستقل به وحده كالبيع، والإجارة، والنكاح، ونحوها.
ولأن المعاطاة قد يراد بها البيع، وقد يراد بها الهبة، وقد يراد بها القرض، فلا يصلح أن يكون الإعطاء سببًا في التملك لكونه جنسًا يشمل أنواعًا مختلفة من العقود، وكل عقد يختلف آثاره عن العقد الآخر، فلا بد للقرض أن يكون باللفظ الدال عليه.