الهبة في مرض الموت مترددة بين الوصية وبين الهبة، فكونها ناجزة في الحال، فهي هبة، وكونها لا تصح للوارث، وتصح لغيره بقدر الثلث فأقل إلا أن يجيز الورثة فهي وصية، فالجمهور غلبوا جانب الهبة، فاشترطوا القبض؛ لأنها ناجزة في الحال، وليست متوقفة على موت الواهب، والمالكية غلبوا جانب الوصية لكونها لا تصح لوارث، وتخرج من الثلث، وأرى أن قول الجمهور أقوى؛ لأن الصيغة هبة منجزة، وكونها لا تنفذ إلا بحدود الثلث ليس لأنها وصية، وإنما لردع الواهب حتى لا يحرم الوارث قبل موته.
وأما وجه من قال: إن الوارث بالخيار إن شاء أمضاها بالعقد الماضي، وإن شاء ردها، فلعله رأى أن في هذا شبهًا في تصرف الفضولي الموقوف على إجازة المالك، والمالك ا لحقيقي هو الوارث، فكان الخيار له، والله أعلم.