للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدليل الثالث]

القياس على ما لو قال: بعتك أحد هذين العبدين، فإذا كانت هذه الصيغة غير صالحة للبيع، فلا يجوز بعتك بألف نقدًا، أو بألفين نسيئة.

[ويناقش]

بأن هناك فرقًا بين الصيغتين، فالمبيع في قولك: (بعتك أحد هذين العبدين) لم يتحدد المبيع، وأما قولك: بعتك بألف نقدًا، أو بألفين نسيئة، فالمبيع واحد متعين، والتخيير بالثمن.

[دليل من قال: البيع باطل إن وقع لازما، وصحيح إن وقع على التخيير]

ذكر ابن رشد الإجماع على بطلان العقد إن وقع على وجه اللزوم (١)، قال في بداية المجتهد « ... وهو أن يقول له: أبيعك هذا الثوب نقدًا بكذا، أو نسيئة بكذا، فهذا إذا كان البيع فيه واجبًا، فلا خلاف في أنه لا يجوز، وأما إذا لم يكن البيع لازمًا في أحدهما فأجازه مالك .... وجعله مالك من باب الخيار؛ لأنه إذا كان عنده على الخيار لم يتصور فيه ندم يوجب تحويل أحد الثمنين في الآخر، وهذا عند مالك هو المانع ... فعلة امتناعه عند مالك سد الذريعة الموجبة للربا؛ لإمكان أن يكون الذي له الخيار قد اختار أولًا إنفاذ العقد بأحد الثمنين المؤجل أو المعجل، ثم بدا له، ولم يظهر ذلك، فيكون قد ترك أحد الثمنين للثمن الثاني، فكأنه باع أحد الثمنين بالثاني، فيدخله ثمن بثمن نسيئة، أو نسيئة و متفاضلًا، وهذا كله إذا كان الثمن نقدًا، وإن كان الثمن غير نقد، بل طعامًا، دخله وجه آخر، وهو بيع الطعام بالطعام متفاضلًا» (٢).


(١) في حكاية الإجماع على البطلان تأمل، فإن ظاهر اختيار ابن القيم الجواز.
(٢) بداية المجتهد (٢/ ١١٥ - ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>