ثالثًا: القول بأن ركن البيع لم يتطرق إليه خلل فيه نظر، فإن الرضا في الحقيقة هو ركن البيع، وإنما عدل عنه إلى الصيغة (الإيجاب والقبول) لخفائه، فأقيمت الصيغة مقام الرضا للدلالة عليه.
رابعًا: لو كان العقد فاسدًا لما صح بالإجازة، فإن العقد الفاسد عندكم لا يصح بالإجازة، كما لو باع درهمًا بدرهمين، فإن الخلل تطرق إلى الوصف، وقد تحقق ركن البيع (الإيجاب والقبول) فينعقد فاسدًا، ولا يصح بالإجازة، فما باله هنا صح بالإجازة، وقد فرقتم بين هذا العقد وبين سائر العقود الفاسدة بأربعة أحكام، ذكرناها سابقًا في أول البحث، فدل على أنه لا يصح الحكم عليه بالفساد حتى على مقتضى قواعد المذهب.
[دليل من قال: العقد باطل.]
[الدليل الأول]
قال تعالى:{إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}[النساء:٢٩].
[وجه الدلالة]
منطوق الآية أن من أخذ مال الغير بدون رضاه فقد أكل ماله بالباطل، فدل على أن الرضا شرط في صحة البيع، والشرط إذا عدم، عدم المشروط؛ لأنه يلزم من عدمه العدم.
[الدليل الثاني]
تحريم مال المسلم ثابت بنصوص قطعية، ومن ذلك:
(ح - ٤٤) ما رواه البخاري من طريق فضيل بن غزوان، حدثنا عكرمة،
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر، فقال: أيها الناس، أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام. قال: فأي بلد هذا. قالوا: بلد حرام. قال: