وهذا الطريق وإن كان رجاله ثقات لكن الطرق السابقة أكثر، وغالبها بأسانيد صحيحة، وقد يكون سعيد رحمه الله سمع ابن عباس يروي حديث أسامة: لا ربا إلا في النسيئة. فظن أنه ما زال على رأيه، ولا تلازم، فحديث أسامة محفوظ، وأحاديث تحريم ربا الفضل محفوظة، وقد جمعنا بين الأحاديث بما يفيد عدم التعارض بينها. ورجوع ابن عباس هو اللائق به، لأن ابن عباس إنما اعتمد على حديث أسامة بن زيد، فإذا جاءه أحاديث كثيرة معها زيادة علم على حديث أسامة بن زيد، ولا تقتضي رد حديث أسامة بن زيد فإن العالم سيصير إليها ولا بد. فإذا كان أسامة ليس محلًا للشك عند ابن عباس، فإن عمر ابن الخطاب وعثمان، وأبا سعيد الخدري، وأبا هريرة وعبادة بن الصامت، وأبا الدرداء، ومعمر ابن عبد الله وغيرهم ليسوا محلًا للشك أيضًا، والله أعلم. ثم إن المثبت لرجوع ابن عباس معه زيادة علم ليست مع النافي، لاسيما أن رجوع ابن عباس قد جاء في صحيح مسلم فضلًا عن الطرق الأخرى الكثيرة، وأكثرها صحيح، وبعضها حسن. والضعيف منها ليس شديد الضعيف. قال ابن عبد البر في التمهيد - (٢/ ٢٤٥): لم أر ذكر ما روى ابن عباس ومن تابعه في الصرف، ولم أعده خلافًا؛ لما روي عنه من رجوعه عن ذلك، وفي رجوعه إلى خبر أبي سعيد المفسر، وتركه القول بخبر أسامة بن زيد المجمل ضروب من الفقه ليس هذا موضع ذكرها، ومن تدبرها، ووفق لفهمها أدركها، وبالله التوفيق». (١) صحيح البخاري (٢٠٦١)، ومسلم (١٥٨٩).