إسقاط ما لم يجب ولا جرى سبب وجوده، هل يعتبر إسقاطًا، أو مجرد وعد بالإسقاط لا يلزم منه الإسقاط مستقبلًا، ويجوز الرجوع فيه والعود إلى المطالبة بالحق.
والوعد بالشيء إن كان على سبيل المعاوضة كالمواعدة على بيع شيء أو على شرائه لا يعتبر بيعًا، ولا يلزم الواعد قولًا واحدًا عند فقهائنا المتقدمين، وفيه خلاف حادث للمعاصرين حررته في بيع المرابحة للآمر بالشراء.
وإن كان الوعد على سبيل التبرع كما هو في مسألتنا هذه ففيه خلاف بين الفقهاء المتقدمين، والجمهور على أن الوعد بالتبرع لا يلزم، وذهب المالكية في قول إلى لزومه إن كان هذا الوعد قد أدخل الموعود في كلفة ومشقة، وسبق تحرير هذه المسألة أيضًا في عقد المرابحة للآمر بالشراء فأغنى ذلك عن إعادة هذه المسألة هنا. وبناء على تخريج المسألة على مذهب المالكية قد يختلف الأمر بين أن يعد البائع بأنه لا يأخذ بالشفعة، وبين أن يعد الشفيع المشتري بذلك، فالبائع لم يدخل في أي كلفة بوعده بعدم الأخذ؛ لأن رغبته بالبيع ليست متوقفة على ترك الشفيع الشفعة، بخلاف المشتري فإنه ربما حمله وعد الشفيع بعدم الأخذ بالإقبال على الشراء، وهذا التخريج قد يعد مقبولًا لو لم يكن هناك قول صريح للمالكية في المسألة، وما دام لهم قول صريح فلا أرى حاجة إلى هذا التخريج، والله أعلم.