للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحالة الثالثة]

إذا تلف المبيع بعد القبض، فإما أن يكون الخيار للبائع، أو يكون الخيار للمشتري.

فإن كان الخيار للبائع، فهلك بإتلاف المشتري خلال مدة الخيار، فإن البيع يبطل، ويسقط الخيار، ويكون الضمان على المشتري، ويضمنه بالقيمة لا بالثمن (١).

[وجه هذا القول]

أن البيع قد انفسخ بهلاك المحل إذ كان موقوفًا لأجل خيار البائع ولا نفاذ للموقوف إذا هلك المحل فبقي في يد المشتري مقبوضًا على جهة العقد (أي المعاوضة) لا على وجه الأمانة المحضة كالإيداع والإعارة؛ لأن البائع لم يرض بقبض المشتري له إلا على جهة العقد.

أما كيفية ضمانه، فإن كان مثليًا ضمنه بالمثل، وإن لم يكن مثليًا فإنه يضمن بالقيمة لا بالثمن، والضمان بالقيمة لا بالثمن هو الشأن فيما قبض على جهة العقد كالمقبوض على سوم الشراء. وقد جعل الكاساني ضمانه أولى من ضمان المقبوض على سوم الشراء (٢).

وإن كان الخيار للمشتري، وقد قبض المبيع، فهلك في يده لا يبطل البيع، ولكن يبطل الخيار، ويلزم البيع، وعليه الثمن.


(١) لو قيل: إذا كان الخيار للبائع فهو مخير بين الإمضاء، وأخذ الثمن، أو الرد وأخذ القيمة؛ لأن هلاك المبيع له بدل.
(٢) انظر العناية شرح الهداية (٦/ ٣٠٦) ولم يخالف في ذلك من الحنفية إلا ابن أبي ليلى، فإنه قال: يهلك أمانة؛ وجه قوله: أن الخيار منع انعقاد العقد في حق الحكم، فكان المبيع على حكم ملك البائع أمانة في يد المشتري، فيهلك هلاك الأمانات. انظر بدائع الصنائع (٥/ ٢٧٢)، المبسوط (١٣/ ٤٦)، تحفة الفقهاء (٢/ ٧٣ - ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>