للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[واعترض على هذا الاستدلال]

بأن النهي ليس لعدم رؤية المبيع؛ لأن هذا البيع إنما هو بيع عين حاضرة، وليس من بيع الغائب بشيء، وإنما هذه بيوع كانت في الجاهلية لازمة للمتعاقدين بمجرد اللمس والنبذ، فهو نوع من بيوع القمار، وقد فسره راوي الحديث، وتفسيره أولى بالقبول.

(ح-١٩٨) فقد روى البخاري من طريق عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عامر بن سعد،

أن أبا سعيد رضي الله عنه أخبره، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المنابذة، وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل، قبل أن يقلبه، أو ينظر إليه، ونهى عن الملامسة، والملامسة: لمس الثوب لا ينظر إليه (١).

[دليل الحنابلة على جواز بيع الغائب إذا كان يصح السلم فيه.]

أن ما لا يصح السلم فيه، لا يمكن ضبطه بالصفة؛ لتفاوت آحاده تفاوتًا يختلف معه الثمن اختلافًا ظاهرًا، فيفضي ذلك إلى التنازع، فلا يصح بيعه بالصفة، وأما ما يصح السلم فيه، فإنه يمكن أن تنضبط صفاته، لكون آحاده لا تفاوت بينها، فيصح بيعه بالصفة.

[الراجح من الخلاف]

هذه المسألة مهمة جدًا لوقوع التجار فيها، وأحيانًا لو انتظر المشتري ليرى السلعة فقد تفوته الصفقة، لكثرة الطلب عليها، والذي أحبه في المعاملات، خاصة في المسائل التي لم يرد فيها نص صريح، أن ينظر إلى مقاصد الشريعة في إباحتها ومنعها، فمن مقاصد الشريعة في المعاملات: إقامة العدل بين الناس،


(١) صحيح البخاري (٢١٤٤)، ومسلم (١٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>