ومنع الظلم، ودفع الغرر الكثير، وإغلاق كل باب يؤدي إلى التنازع والتباغض، ومفسدة الغرر أخف من مفسدة الربا، فلذلك رخص في الغرر فيما تدعو إليه الحاجة منه، كما رخص في اليسير، وفي الشيء غير المقصود والذي يدخل تبعًا.
إذا عرفنا هذا يمكننا أن نقول: إن بيع الغائب إن وقع بلا وصف، ولا رؤية، فهو بيع جائز فيما أرى، ولكنه غير لازم، فللمشتري الخيار مطلقًا إذا رأى السلعة، وهنا نكون قد حققنا المصلحة لكل من المتعاقدين مصلحة البائع ومصلحة المشتري من غير لحوق ضرر فيهما، ودفعنا خوف الوقوع في الغرر، بكون البيع لا يلزم إلا إذا رأى المبيع.
وكون المشتري يشترط الخيار في العقد أحب إلي، خوفًا من الاختلاف، أو من قول: إن الخيار لا يثبت إلا بالنص الشرعي، كخيار المجلس، أو بالعرف، أو باشتراط، فإذا اشترط له الخيار قطع النزاع.
وأما إذا اشترى البضاعة بالوصف، فإن كان الوصف مطابقًا لم يكن للمشتري الخيار إلا بعرف، أو شرط، ويكون البيع لازمًا، فإن وجد الصفة غير مطابقة فللمشتري الخيار بين القبول، أو الرد، وإذا تنازعا، فالبائع يدعي أن الصفة مطابقة للموصوف، والمشتري يدعي عدم المطابقة، فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه غارم، وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الخيار فصل مستقل في اختلاف المتبايعين، أسأل الله وحده العون والتوفيق.
وأضعف الأقوال قول الشافعية، والذين يشترطون رؤية المبيع.
[م-٣٠٥] ومما يكثر في عصرنا الحاضر، وله دخل في هذه المسألة: شراء رقعة الأرض من خلال معرفة موقعها من المخطط الهندسي، وذلك بمعرفة