للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثاني]

يختص النهي بالبيع، ويلحق به المساومة، والمناداة، دون النكاح وسائر العقود، وهو مذهب الحنابلة (١)، واختيار ابن حزم (٢).

[دليل من قال: يحرم كل ما يشغل عن السعي إلى الصلاة]

قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩].

أمرت بأمرين: السعي إلى ذكر الله، وترك البيع.

فالمقصود من قوله تعالى {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩] هو التمكن من امتثال قوله تعالى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:٩] فكأن قوله تعالى {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩] جار مجرى التوكيد لذلك بالنهي عن ملابسة كل ما يشغل عن السعي إليها، ولا معنى لتخصيص ذلك بالبيع؛ وإنما البيع ورد على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، فالعلة من الأمر بترك البيع كونه مانعًا من السعي إلى الجمعة، يدل لذلك أنه لو قال قائل بالنهي عن البيع قبل وجوب السعي إلى الجمعة


(١) قال في الإنصاف (٤/ ٣٢٧): «ويصح النكاح وسائر العقود في أصح الوجهين، وهو المذهب، وصححه في الفروع ... ».
وقال في شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٢): «ويصح إمضاء بيع خيار، وبقية العقود من إجارة، وصلح، وقرض، ورهن، وغيرهما بعد نداء الجمعة .. ». وانظر كشاف القناع (٣/ ١٨٠).
(٢) المحلى (مسألة: ٥٤٢، ١٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>