أن المشتري لو أراد الفسخ، ثم تلفت العين في يده قبل وصولها إلى البائع فات الرد، ولو كان فسخًا للعقد من أصله لكان له أن يرد مثلها أو يرد قيمتها؛ لأن وجوبها عليه من باب ضمان المتلف.
[الدليل الرابع]
أن رفع العقد من أصله رفع للواقع في الزمن الماضي، وهو محال.
فإن قلت: المرتفع الأحكام المترتبة على لفظ العقد، لا على نفس العقد، قيل: الأحكام واقعة في الزمن الماضي، قبل الرد بالعيب، فإن كان رفع الواقع محالًا فرفعها محال أيضًا.
[القول الثاني]
أن الرد بالعيب يفسخ العقد من أصله، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية (١).
وهذا القول ضعيف، ولذلك قال القرافي في الأمنية: «معنى قولنا في الرد بالعيب: أنه رفع للعقد من أصله، أي يقدر كالمعدوم وإن كان موجودًا، فيعطى حكم المعدوم، ومقتضى هذا أن ترد الغلات للبائع، ولا يبقى أثر من الآثار، لكن الأصحاب لم يقولوا بذلك، ولا إخاله قول أحد من العلماء، بل إنما قدره الأصحاب كالمعدوم من أصله في أمور خاصة، فقالوا: إذا صرح بالرد، فهلك المبيع قبل وصوله ليد البائع ففي ضمانه من البائع أو من المبتاع أقوال، ثالثها: من البائع إن حكم به حاكم، وإلا فمن المبتاع.
(١) انظر: المبسوط (١٣/ ٩٦)، الأمنية في إدراك النية (ص: ٥٨)، قواعد المقرئ، القاعدة: ٥٨٤، إيضاح المسالك (ص: ٣٤٨ - ٣٥٣)، جامع الأمهات (ص: ٣٣٧)، وانظر القواعد الفقهية المستنبطة من المدونة الكبرى للدكتور أحسن زقور (٢/ ٧٨٤)، القواعد والضوابط الفقهية القرافية (٢/ ٦٦٠).