للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية

علاقة النهي عن تلقي الركبان بنفع السوق

[م-٣٥٩] قال الباجي في بيان وجه المنع من تلقي الركبان، قال: «وجه ذلك: أن هذا فيه مضرة عامة على الناس؛ لأن من تلقاها، أو اشتراها غلاها على الناس، وانفرد ببيعها، فمنع من ذلك ليصل بائعوها بها إلى البلد، فيبيعونها في أسواقها، فيصل كل أحد إلى شرائها، والنيل من رخصها» (١).

وقال ابن رشد: «المعنى في النهي عن تلقي السلع عند مالك، إنما أريد به نفع أهل الحاضرة، كما أريد بالنهي عن أن يبيع حاضر لباد نفع أهل الحاضرة، بأن يكون البادي والجالب هو المتولي البيع في السوق، على ما هو عليه من الجهل بالسوق، فيشتري أهل الحاضرة منه في السوق بما يرضى به من قليل الثمن وكثيره، فإذا باع ... الجالب لها من رجل من أهل الحاضرة، قبل أن يصل إلى السوق، فكان هو الذي يقوم بها، ويبيعها على معرفة، فقد قطع عن أهل الحاضرة الحق الذي جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم في ذلك، والله الموفق» (٢).

وقال ابن عبد البر: «أما مذهب مالك والليث، ومن قال بمثل قولهما في النهي عن تلقي السلع، معناه عندهم: الرفق بأهل الأسواق لئلا يقطع بهم عما له جلسوا، يبتغون من فضل الله، فنهى الناس أن يتلقوا السلع التي يهبط بها إليهم؛ لأن في ذلك فسادًا عليهم.


(١) المنتقى للباجي (٥/ ١٠١).
(٢) البيان والتحصيل (٩/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>