فقيل: لا يجوز مطلقًا، لا وزنًا ولا عددًا، وهذا مذهب الحنفية. وعللوا ذلك بوجود التفاوت الفاحش بين خبز وخبز؛ لاختلاف العجن، والنضج، والخفة والثقل في الوزن، والصغر والكبر في العدد، ولهذا لم يجز السلم فيه بالإجماع، ألا ترى أنه يجوز السلم في الثياب، ولا يجوز القرض فيها ... ». قال الكاساني في بدائع الصنائع (٧/ ٣٩٥) «ولا يجوز القرض في الخبز، لا وزنًا ولا عددًا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وقيل: يجوز إقراضه وزنًا، وهو أشهر الوجهين في مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة: جاء في إعانة الطالبين (٣/ ٥١): «واستثني جواز قرض الخبز وزنًا؛ لإجماع أهل الأمصار على فعله في الأعصار بلا إنكار، وهذا ما قطع به المتولي والمستظهري وغيرهما، واقتضى كلام النووي ترجيحه، قال في المهمات: والراجح جوازه، وقد اختاره في الشرح الصغير». لأن المطلوب رد المثل، ولا يمكنه ذلك إلا بالوزن. وانظر المهذب (١/ ٣٠٤)، روضة الطالبين (٤/ ٣٧)، مغني المحتاج (٢/ ١١٩)، المغني لابن قدامة (٤/ ٢١٠)، الكافي (٢/ ١٢٣).
وقيل: يجوز إقراضه مطلقًا بدون قصد الزيادة أو اشتراطها، وهو اختيار محمد بن الحسن من الحنفية، واختاره بعض المالكية، والخوارزمي من الشافعية، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، ورجحه ابن تيمية وابن القيم، وهو الراجح. لأن القرض مبني على المسامحة، ولجواز قرض الحيوان مع كونه قد يتفاوت تفاوتًا يسيرًا، ولأن الزيادة غير المشروطة في حال رد القرض لا تحرم بخلاف البيع في المال الربوي. سيأتي إن شاء الله تعالى مزيد بحث لهذه المسألة في كتاب القرض، وإنما اقتضت الإشارة إليها عند الكلام على مسألة قرض المتقوم، والله أعلم. انظر بدائع الصنائع (٧/ ٣٩٥)، حاشية الدسوقي (٣/ ٢٢٥)، التاج والإكليل (٤/ ٥٤٧)، إعانة الطالبين (٣/ ٥١)، مجموع الفتاوى (٢٩/ ٥٣١)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ١٠١)، كشاف القناع (٣/ ٣١٦)، المغني (٤/ ٢١٠)، الكافي في فقه أحمد (٢/ ١٢٣).