للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجه قول أبي حنيفة]

إذا كان الثمن لم يخرج عن ملك المشتري، فلو قلنا: إن المبيع يدخل في ملكه اجتمع للمشتري ملك المبيع وملك الثمن في آن واحد، ولا يمكن أن يجتمع البدلان في ملك رجل واحد.

[وجه قول أبي يوسف ومحمد]

لما خرج المبيع عن مالك البائع، وجب أن يدخل في ملك المشتري؛ كيلا يصير سائبة بغير مالك، لأنه لا يمكن أن يكون المبيع زائلًا لا إلى مالك (١).

وقد أخذت مجلة الأحكام العدلية برأي الصاحبين، فقد جاء فيها: «إذا شرط الخيار للمشتري فقط خرج المبيع من ملك البائع، وصار ملكًا للمشتري ... » (٢).

هذا ملخص مذهب الحنفية فيما يتعلق بالملك، وفي التصرف في زمن الخيار، في حالة ما كان الخيار للعاقدين أو لأحدهما.

[القول الثاني: مذهب المالكية]

يرى المالكية أن بيع الخيار منحل حتى ينعقد، وهذا يعني أن المبيع في مدة الخيار للبائع لم ينتقل؛ إذ الأملاك لا تنتقل إلا بتمام الرضا، والخيار ينافي تمام الرضا، فعقد الخيار عقد منحل، وإمضاؤه بعد ذلك نقل جديد للملكية، وليس تقريرًا للعقد الأول، وهذا معنى قول العلماء: إن بيع الخيار منحل، ولا فرق على المذهب في الخيار بين أن يكون لهما أو لأحدهما (٣).


(١) الفتاوى الهندية (٣/ ٤٠)، بدائع الصنائع (٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥)، مجمع الأنهر (٢/ ٢٦ - ٢٧)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٥٧٢ - ٥٧٧)، تبيين الحقائق (٤/ ١٦).
(٢) انظر المادة (٣٠٩).
(٣) بيع الخيار: هل هو عند المالكية منحل أصلًا؟ وإنما ملك من له الخيار انعقاده، أو هو منعقد، وإنما ملك من له الخيار حله؟
قولان في مذهب المالكية:
الأول: ما قدمناه في المتن، أنه منحل حتى ينعقد، جاء في التاج والإكليل (٦/ ٣٢٣): «ظاهر المذهب، ونص اللخمي، والباجي، وابن رشد أن المبيع مدة الخيار ملك لبائعه، فالإمضاء نقل». وجاء في حاشية الدسوقي (٣/ ٩): «قال في التوضيح: المعروف من المذهب انحلاله». وقال أيضًا (٣/ ١٠٣): والملك للمبيع بخيار في زمنه للبائع، وهذا هو المعتمد».

وفيه قول آخر عند المالكية: أن بيع الخيار منعقد، والملك فيه في زمن الخيار للمشتري. لكن ملكه غير تام؛ لاحتمال رده. انظر حاشية الدسوقي (٣/ ١٠٣).
فعلى الأول: يصح الخيار في النكاح والصرف، إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام عليه.
وإذا اشترى الرجل أباه بالخيار له، لم يعتق عليه؛ لأن بيع الخيار منحل حتى ينبرم.
كما أن ما حدث في أيام الخيار من غلة، كلبن، وبيض، وثمرة، ونحو ذلك للبائع.
كما أن الضمان منه، والنفقة، وصدقة الفطر عليه.
كما أنه لا شفعة في الخيار إلا بعد الإمضاء. انظر إيضاح المسالك (ص: ٣٠٧ - ٣٠٨).
وعلى الثاني: بأن بيع الخيار منعقد حتى ينبرم لا يصح الخيار في النكاح والصرف؛ لأنه لا تجري فيه أحكام النكاح من موارثة ونحوها، ويكون متراخيًا في الصرف.
وعبارة المقرئ في قواعده كما في إيضاح المسالك، هامش (ص: ٣٠٧): «اختلف المالكية في عقود الخيار، أهي منحلة حتى تنعقد، وإنما ملك من ملكه ربط العقد، فيصح في النكاح والصرف، إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام فيه، أو تراخي القبض - يعني في الصرف - أو منعقدة حتى تنحل، وإنما ملك من هو له نقضه فلا يصح فيهما؟ إذ لا تجري فيه أحكام النكاح من الموارثة ونحوها، أو يكون متراخيًا».
وارجع إذا أردت الاستزادة إلى كتاب القواعد الفقهية المستنبطة من المدونة الكبرى، للدكتور حسن زقور أستاذ الفقه المالكي وأصوله في جامعة وهران في الجزائر (٢/ ٧٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>