للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل من قال: تقبل الإشارة المفهومة مطلقًا من الأخرس وغيره.

[الدليل الأول]

من الكتاب قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [مريم: ٢٦]، مع قوله {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: ٢٩].

[وجه الاستدلال]

سمى الله سبحانه وتعالى الإشارة قولًا، بقوله تعالى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [مريم: ٢٦] أي قولي ذلك بالإشارة، فلو كان المراد قول اللسان لأفسدت نذرها.

قال ابن كثير: «المراد بهذا القول الإِشارة إليه بذلك، لا أن المراد به القول اللفظي لئلا ينافي فلن أكلم اليوم إنسيا» (١).

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد فهم القوم إشارة مريم، وأجابوها بقولهم: كيف نكلم من كان في المهد صبيًا، ولم يعترضوا عليها بأنهم لم يفهموا ما تريده منهم. فنزلت الإشارة منزلة الكلام حتى من القادر على النطق.

[الدليل الثاني]

(ح-٢٢) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يزيد، أخبرنا المسعودي، عن عون، عن أخيه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة،

عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء أعجمية، فقال: يا رسول الله، إن علي عتق رقبة مؤمنة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة. فقال لها: من


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>