(٢) جاء في مجلة الأحكام العدلية (مادة: ١٨٤): «لو رجع أحد المتبايعين عن البيع بعد الإيجاب، وقبل القبول بطل الإيجاب، فلو قبل الآخر بعد ذلك في المجلس لا ينعقد البيع. مثلًا لو قال البائع: بعت هذا المتاع بكذا، وقبل أن يقول المشتري: قبلت: رجع البائع، ثم قبل المشتري بعد ذلك لا ينعقد البيع». اهـ ويقول في بدائع الصنائع (٥/ ١٣٤): «صفة الإيجاب والقبول: فهو أن أحدهما لا يكون لازمًا قبل وجود الآخر ... » وانظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢٥٣)، الفتاوى الهندية (٣/ ٨). وقال النووي في المجموع (٩/ ١٩٩): «إذا وجد أحد شقي العقد من أحدهما اشترط إصراره عليه حتى يوجد الشق الآخر».
وإذا كان الشافعية والحنابلة يقولون بخيار المجلس كما سيأتي إن شاء الله تحرير الخلاف فيه، فإن هذا يعني جواز رجوع الموجب عن إيجابه حتى بعد صدور القبول من الطرف الآخر، فمن باب أولى أن يصح رجوعه قبل اتصال القبول به. وقد اعتمد القانون الأردني على قول الجمهور، فقد نصت المادة (٩٦) مدني بقولها: «المتعاقدان بالخيار بعد الإيجاب إلى آخر المجلس، فلو رجع الموجب بعد الإيجاب، وقبل القبول أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الإعراض يبطل الإيجاب، ولا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك». وانظر مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني. د أنور سلطان (ص:٥٦). وفي نظرية العقد للسنهوري ذكر في حاشية (١/ ٢٤٤): «وفي القانون الإنجليزي: يجوز للموجب أن يعدل عن إيجابه قبل اقتران القبول به، حتى لو كان قد حدد مدة للقبول، وضرب بولوك لذلك مثلًا: رجل عرض على آخر في الصباح أن يبيعه سلعة، وانتظره إلى الساعة الرابعة بعد الظهر ليبت في الشراء، ففي هذه الحالة يجوز للموجب أن يعدل عن إيجابه، ويبيع السلعة لآخر حتى قبل حلول الموعد المضروب، ما دام الطرف الآخر لم يقبل الصفقة».