الخيار في الفسخ والإمضاء، وهذا دليل على أنه وعد، وليس بعقد، إذ لو كان عقدًا لكان ملزمًا للطرفين، أو لأحدهما.
[ويجاب]
كون العقد غير لازم راجع إلى طبيعة العقد عند الحنفية، فالمشتري قد اشترى ما لم يره، لذلك كان الاستصناع لا يعد عقدًا نافذًا إلى أن يتم الصانع ما طلب منه وفق المواصفات التي طلبها الصانع، فإذا جاء به الصانع إلى المستصنع سقط خيار الصانع، وبقي المستصنع على خياره، فإذا رآه وقبله، عند ذلك يلزم العقد، ولا يكون هناك خيار لواحد منهما، شأنه في ذلك شأن كل مبيع عقد عليه العاقد، وهو لم يره، فيثبت له الخيار إذا رآه، وعند الحنفية الخيار له مطلقًا حتى ولو جاء مطابقًا للمواصفات كما بيناه في خيار الرؤية (١).
[الدليل الثاني]
أنه لو كان الاستصناع عقدًا لكان عقدًا على معدوم، وبيع المعدوم ممنوع.
ولكان الاستصناع بيع دين بدين، فالثمن دين في ذمة المستصنع (المشتري)، والمبيع دين في ذمة الصانع (البائع)، وهذا لا يجوز.
[ويجاب]
أجاب الحنفية عن ذلك: بأن المعدوم قد يعتبر موجودًا حكمًا للحاجة كطهارة المستحاضة، وقد تحققت الحاجة هنا، إذ كل واحد لا يجد خفًا مصنوعًا يوافق رجله، ولا خاتمًا يوافق أصبعه، وقد يجوز بيع المعدوم للحاجة، أصله بيع المنافع، وكان القياس فساده، ولكنه جوز لجريان العمل به، مثله إجارة الظئر،
(١) انظر تحفة الفقهاء (٢/ ٣٦٣)، تبيين الحقائق (٤/ ١٢٤).