عن التصرية، وأثبت للمشتري الخيار إذا وقع البائع في النهي، وثبوت الخيار فرع عن صحة البيع فيهما، فدل ذلك على أن التحريم والصحة قد يجتمعان، ولا تلازم بين النهي، والفساد، وإذا كان لا تلازم بين النهي والفساد، لم تكن صيغة النهي وحدها دالة على الفساد، وإنما تدل على التحريم، والممنوع أن يكون الشيء منهيًا عنه، ومأمورًا به في ذات الوقت، فيمتنع أن يقال: حرمت عليك الطلاق في حال الحيض، وأمرتك به، وأبحته لك، وأما إذا قال: حرمت عليك الطلاق في الحيض، فإن فعلت فقد وقع الطلاق، وأنت آثم، وحرمت عليك الصلاة في الثوب المغصوب، فإن فعلت صحت الصلاة، وأنت آثم، فشيء من هذا ليس بممتنع (١). فدل على أن النهي لا يقتضي فساد المنهي عنه في كل حال.
[وتعقب ذلك]
قال شيخنا ابن عثيمين: «إن قال قائل: لما لا تقولون: هو حرام، ولكنه صحيح، كما قلتم في الجلب.
فالجواب: الفرق بينهما ظاهر.
أولًا: لأن حديث التلقي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار). فثبوت الخيار فرع عن صحة العقد، فيكون في الحديث دليل على أن العقد صحيح.
ثانيًا: أن النهي عن التلقي ليس نهيًا عن العقد لذاته، ولكنه نهي عن العقد لحق الغير، حيث إنه ربما يكون فيه خديعة للقادم، فيشتريه المتلقي بأقل، ولهذا جعل الحق له في إمضاء البيع، أو فسخه، وأما مسألتنا فإن النهي عن البيع