وقوعه، وليس في المسألة إجماع على أن الطلاق يقع، وأما تلقي الجلب، وبيع المصراة، ونحوها فلا يقال: البيع صحيح، ولا فاسد حتى يجيزه من له الحق، فإذا أسقط الآدمي حقه، فله ذلك، وقد نقلنا كلام ابن تيمية في الجواب عن هذه المسائل في الدليل الرابع من القول السابق، فانظره.
الجواب الثاني:
أن يقال: لو لم يوجد قرينة دالة على صحة البيع في تلقي الجلب، وبيع المصراة لم نقل بصحته، ونحن لا نمانع من القول بالصحة إذا وجدت قرينة دالة على ذلك، وإنما الكلام في النهي المطلق الخالي من القرائن، فكما يقال: الأصل في النهي التحريم، فإذا وجدت فيه قرينة على أن النهي للكراهة صرفنا النهي عن أصله، فكذلك الأصل في النهي الفساد، فإذا وجدت قرينة تدل على الصحة صرفناه عن أصله.
[دليل من فرق بين النهي العائد لذات العبادة والعائد لخارج منها.]
ذكر أصحاب هذا القول بأن الأدلة قد قامت على أن النهي إذا لم يتناول معنى في نفس العقد أو القربة المفعولة أو ما هو من شروطها التي يخصها لم يمنع جواز ذلك، نحو البيع عند أذان الجمعة وتلقي الجلب وبيع حاضر لباد ومثل الصلاة في الأرض المغصوبة والطهارة بماء مغصوب وغسل النجاسة به والوقوف بعرفات على جمل مغصوب، وكون الفعل فيها منهيًا عنه في هذه الصفة لا يمنع من القول بصحته؛ لأن النهي عنها لم يتناول معنى في نفس المفعول وإنما تناول معنى في غيره وكون الإنسان مرتكبًا للنهي عاصيًا في غير المعقود عليه لا يمنع وقوع فعله موقع الصحة والدليل على صحة ما ذكرنا: أن الرجل في الصلاة لو رأى رجلًا يغرق وقد كان يمكنه تخليصه أنه منهي عن المضي في هذه الصلاة، ومأمور بتخليص الرجل، فإن لم يفعل، ومضى في صلاته، كانت صلاته مجزئة، ولولا أن ذلك كذلك لقلنا: لا يجوز له فعل الصلاة.