أنه قد ثبت النهي عن بيع الغرر في حديث صحيح، وهو مجمع على النهي عنه في الجملة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في مباحث الغرر، وهذا قد تحقق الغرر فيه للجهل في المبيع؛ لأن عقد المشتري إنما توجه لجنس معين كالفرس مثلًا، فبان أن البيع وقع على جنس آخر مختلف تمامًا كالحمار مثلًا، ولم يعلم بذلك المشتري، ولم يقصده في الشراء، وهذا من أعظم الغرر.
[دليل من قال: ينعقد ولمن وقع عليه الغلط الخيار.]
[الدليل الأول]
أن البيع قد تعلق بطرفين بائع ومشتر، فالذي لم يقع عليه الغلط ينعقد في حقه لازمًا، وليس له خيار؛ لأن الغلط لم يقع عليه، وأما الذي وقع عليه الغلط فالحق له، وما دام أن الحق لآدمي، وليس النهي عنه لحق الله، فإن له الخيار، إن شاء أمضى البيع، وإن شاء رده، فالحكم ببطلان البيع يسقط حقه فيما لو طابت نفسه، ورضي بالبيع.
[الدليل الثاني]
القياس على العين المعيبة، فإذا كان المشتري إذا اشترى عينًا، ووجد فيها عيبًا، كان له الخيار، إن شاء رد العين، وإن شاء أمضى البيع، فكذلك هنا، فاختلاف عين المبيع يعد كالعيب في المبيع، وفوات العين كفوات الصفة المرغوب فيها لمن فاته الخيار.
[الدليل الثالث]
أن المبيع وإن وقع فيه غلط، إلا أنه قد عين في الإشارة، فقال: بعتك هذا الفرس، فبان حمارًا، فوجود التعيين بالإشارة يجعل البيع منعقدًا تقديمًا للإشارة