للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأولى التي نص عليها ابن عباس: أن يقوم السلعة بنقد، ويشتريها بنقد، فهذا الذي قال فيه: إنه جائز.

والثانية: أن يقوم السلعة بنقد، ويشتريها بنسيئة، فهذا الذي منعه ابن عباس، ولعل ذلك على سبيل الكراهة لمشابهته صورة التعاقد المحرم، سدًا لذريعة المشابهة للربا.

أما القسم الثالث والتي لم ينص ابن عباس عليها: أن يقوم السلعة بنسيئة، ويشتريها بنسيئة، فهذا لا حرج فيه، حتى ولو زادت قيمت السلعة عن ثمنها معجلة، وعامة الأمة على جوازه إلا خلافًا شاذا، لانتفاء المشابهة بينها وبين الصورة المحرمة. وهذا ما يفعله المتورق، ولذلك قال ابن سيرين فيما نقله ابن تيمية عنه: «إذا أراد أن يبتاعه بنقد فليساومه بنقد وإن كان يريد أن يبتاعه بنسأ فليساومه بنسأ» (١).

وهناك من حمل كلام ابن عباس على حديث النهي عن بيعتين في بيعة، في الصورة التي فسرها أكثر السلف، وهي ما إذا قال: هذه بمائة الآن وبمائة وعشر إلى سنة فإذا باعها بمائة الآن فهو جائز وأما إذا باعها بمائة وعشر إلى سنة فمعنى ذلك أنه داينه مائة دينار إلى أجل بمائة وعشر (٢).

وقد سبقت مناقشة النهي عن بيعتين في بيعة، والمراد منها.

[الدليل الرابع للقائلين بتحريم التورق]

أن الزيادة في مقابل التأجيل من الربا المحرم؛ لأنها زيادة في مقابل الأجل والإمهال، وهذه الزيادة لا يقابلها عوض إلا الأجل، فتكون من الربا الصريح.


(١) الفتاوى الكبرى (٦/ ٥٠).
(٢) انظر القول الفصل في بيع الأجل لفضيلة الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق.

<<  <  ج: ص:  >  >>