للضمان على ما يجب على الشخص كائنًا ما كان فيه شغل لذمته، والغرر فيه ليس باليسير، ومع ذلك صحح بعض الفقهاء هذا الضمان، فالجامع بين التأمين والضمان شغل الذمة بالغرم بشيء مجهول، بل إن التأمين أقل غررًا؛ لأن سقف الغرم في التأمين له حد في الغالب، وهو قيمة السلعة المؤمنة، وهذا شيء معلوم، والله أعلم.
ثم إن المعاوضة إذا كانت حلالًا فإنها لا تفسد العقد إذا انقلب إليها من التبرع، كما ذكرنا ذلك فيما سبق، نعم لو كانت المعاوضة حرامًا بذاتها، كما في مبادلة ريال بريال مع النسيئة، فإنه يجوز ذلك في القرض، ولا يجوز في البيع، ففي هذه الحالة يكون انقلابها إلى معاوضة يصيرها من الحلال إلى الحرام، أما إذا لم يتضمن ذلك فإنها لا تحرم، وذلك أن طلب الربح بالشريعة ليس من المحرمات، بل إن طلب الربح يعتبر من المحفزات على النماء، لا غنى عنه في الأنشطة الاقتصادية، وهو الأساس، وأما التبرع فهو نادر، واستثناء.
[الدليل الثالث]
قياس عقد التأمين على خطر الطريق، فقد نص الحنفية على جواز مسألة ضمان خطر الطريق، وصورتها: أن يقول رجل لآخر: اسلك هذا الطريق، فإنه آمن، وإن أُخِذ مالك فأنا ضامن (١)، فلو أخذ ماله ضمن، فالتزام القائل بالضمان هو نفس التزام المؤمن بضمان المؤمن له عند وقوع الخطر.
[وأجيب]
بأن الضمان في ضمان خطر الطريق من عقود التبرع، وعقد التأمين من عقود المعاوضات، ويغتفر في عقود التبرع ما لا يغتفر في عقود المعاوضات.