المسألة الأولى: بطلان الجعل وحده دون الضمان إذا كان الجعل غير مشروط في الضمان.
المسألة الثانية: بطلان الضمان مع الجعل إذا كان الضمان بشرط الجعل. وهي التي أعقبها بمذهب إسحاق، فقوله:(بخلاف ما قاله إسحاق) يفهم منه رجوع الكلام إلى المسألة الأخيرة، وأن إسحاق يرى عدم بطلان الضمان إذا كان بشرط الجعل، وإنما يفسد الجعل وحده. والكلام يحتمله جدًا، وهو قول الثوري كما نقلت ذلك عنه قبل قليل.
وإذا كان كلام إسحاق محتملًا فإنه لا يترك الإجماع المتيقن لعبارة محتملة، بل يحمل كلام الإمام إسحاق على ما يوافق الإجماع إذا كان تأويل الكلام يحتمله بدون تكلف، وهو ما أراه هنا، خاصة بعد أن وقفنا على عبارة الإمام إسحاق بنص عال جدًا في مسائله رواية تلميذه بلا واسطة، فهي مقدمة بكل حال على فهم الماوردي وغيره لو سلم هذا الفهم، والله أعلم.
[الدليل الثاني]
أن الضمان قد يؤول إلى أن يكون قرضًا جر نفعًا، وذلك أنه في حال أداء الضامن للمضمون له يكون الضامن مقرضًا للمضمون عنه، وبهذا يكون ما أخذه من عمولة من قبيل القرض الذي جر نفعًا، وهذا من الربا.
جاء في المغني: «لو قال: اقترض لي من فلان مائة ولك عشرة فلا بأس ولو قال: اكفل عني، ولك ألف لم يجز; وذلك لأن قوله: اقترض لي، ولك عشرة جعالة على فعل مباح فجازت كما لو قال: ابن لي هذا الحائط، ولك عشرة. وأما الكفالة فإن الكفيل يلزمه الدين فإذا أداه وجب له على المكفول