وهذا يجعل قيمة العين مجهولة؛ لأنها سوف تعرف عن طريق الحرز والتخمين؛ لاختلاف أهل التقويم فيها، وهذا لا يجوز.
وإما أن يقع البيع على عين ذلك العرض، وهذا يشترط أن تكون العين قد انتقلت إلى ملك المشتري، فإن جعل الربح شيئًا مفردًا عن رأس المال معلومًا كالدراهم والدنانير، فإن ذلك جائز؛ لأن الثمن الأول معلوم، والربح معلوم.
وإن جعل الربح جزءًا من رأس المال، بأن قال: بعتك بالثمن الأول، وربح ده يازده، فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه جعل الربح جزءًا من العرض، والعرض ليس متماثل الأجزاء، وإنما يعرف ذلك بالتقويم، والقيمة مجهولة؛ لأن معرفتها بالحرز والتخمين، والله أعلم.
[وحجة المنع عند أشهب]
أنه إذا اشترى ثوبًا بمال قيمي، فأراد بيعه مرابحة، فإن باعه بقيمة ذلك القيمي، فإنه لا يجوز قولًا واحدًا عند المالكية، وإن باعه بقيمي مماثل للمقوم الأول في صفته، ويزيده المشتري عليه ربحًا معلومًا، فإن أشهب يمنع ذلك؛ لأن دخول البائع على أن المشتري يدفع له مقومًا موصوفًا مماثلًا حالًا هو عين السلم الحال، وهو باطل عندهم.
ولو منعه أشهب باعتبار أن المال القيمي لا مثل له لكان له وجه، باعتبار أن المال القيمي لو كان له مثل لكان مالًا مثليًا، وليس قيميًا، ولذلك لما أجازه الشافعية اشترطوا أن يذكر قيمة المال القيمي، ليكون العقد على القيمة، وليس على المثل، وأما كونه يمنعه لأنه من قبيل السلم الحال، فإن السلم الحال يجوز على الصحيح، وسيأتي بحثه إن شاء الله تعالى في مسألة مستقلة، والله أعلم.