للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمساقاة مستثناة من الإجارة، فيكون المستحق أجرة المثل؛ لأن الشرع إنما استثنى الصحيح لاشتماله على القوانين الشرعية، فإذا فسد المستثنى رجعنا إلى أصله؛ لأن الشرع لم يستثن الفاسد، فهو مبقى على العدم، وله أصل يرجع إليه، وهو الفرق بينها وبين البيع: أن البيع ليس له أصل آخر يرجع إليه في ذلك ...

وثانيهما: أن أسباب الفساد إذا تأكدت بطلت حقيقة المساقاة بالكلية، فتتعين الإجارة، وإن لم تتأكد اعتبرنا المساقاة، ثم النظر بعد ذلك في المفسد، هل هو متأكد أم لا هو تحقيق مناط (١).

[والفرق بين مساقاة المثل وأجرة المثل من ثلاثة وجوه]

(أ): أن مساقاة المثل تترتب في عين الثمرة، فإن لم يكن في الشجر ثمر فلا شيء للعامل، وأما أجرة المثل فإنها تتعلق بذمة رب المال سواء كان في الشجر ثمر أم لا.

(ب): أن العامل في مساقاة المثل أحق من الغرماء بحصته من الثمرة في حال الموت والفلس؛ لأن حقه متعلق بعين الثمرة، وأما في حال كان الواجب للعامل أجرة المثل فإنه يكون أحق من الغرماء في الفلس فقط، وأما في حال الموت فإنه يكون أسوة الغرماء لتعلقها بالذمة.

(ج): أن ما وجب فيه مساقاة المثل إذا عثر عليه في أثناء العمل لا يفسخ العقد ويتمادى العامل بخلاف ما وجب فيه أجرة المثل فإن العقد يفسخ متى عثر عليه، ولا يمكَّن من التمادي (٢).


(١) انظر الذخيرة (٦/ ٤٥)، والفروق (٤/ ١٥)، وكلاهما للقرافي.
(٢) مواهب الجليل (٥/ ٣٨٨)، الشرح الكبير (٣/ ٥٤٧)، الخرشي (٦/ ٢٣٧)، الذخيرة (٦/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>