للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشتريها منه قبل أن يهبط إلى الأسواق، ويعرف الأسعار، فلم أر فيه نصًا وعندي أنه من التلقي الممنوع والله أعلم» (١).

[ويستثنى من منع التلقي]

الأول: البضائع التي تتعرض للتلف في حالة تبليغها للأسواق.

قال الباجي: «ما كان يضر بالناس تبليغه الأسواق، كالفواكه، والثمار التي يلحق أهل الأصول ضرر بتفريق بيعها، ومحتاجون إلى بيعها جملة ممن يجنيها، أو يبقيها في أصلها ويدخلها إلى الأمصار والقرى بقدر ما يتأتى له من بيعها، فقد روى ابن القاسم عن مالك في العتبية في الأجنة التي تكون حول الفسطاط من نخيل، وأعناب، يخرج إليها التجار، فيشترونها، ويحملونها في السفن إلى الفسطاط للبيع لا بأس بذلك ... » (٢).

فالجواز هنا ظاهر لأمرين:

(أ): أن المنهي عنه هو تلقي الجلب، وما اشتري في أصوله لم يجلب أصلًا حتى يكون المتلقي قد قطع الطريق على الجالب، وحرمه وحرم السوق من


(١) المنتقى للباجي (٥/ ١٠٢).
(٢) المنتقى للباجي (٥/ ١٠١)، وقال ابن رشد في البيان والتحصيل (٩/ ٣٢١): «وسئل مالك عن أجنة النخيل، والأعناب التي تكون حوالي الفسطاط، فيخرج التجار إليها، فيشترونها، ويحملونها في السفن، فيبيعونها في الفسطاط، قال: لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: قول مالك في هذا خلاف قوله في رواية أشهب عنه، في أول سماعه بعد هذا، مثل قول أشهب فيه من رأيه، ولكلا القولين وجه:
فوجه قول مالك هذا اتباع ظواهر الآثار في أنها إنما وردت في تلقي الجلب قبل وصوله.
ووجه قول أشهب: مراعاة معنى الآثار في أن المعنى فيها نفع أهل الحاضرة، بأن يتولى الجالب إليها بيع ما يجلب، فيبيع ما يرضى به من قليل الثمن وكثيره، علم سعر الحاضرة، أو جهله، وبالله التوفيق».

<<  <  ج: ص:  >  >>