الخلاف بين الحنفية والجمهور في ركن العقد مطلقًا، سواء كان في عقد البيع، أو الإجارة، أو الوصية أو غيرها: ذلك أن الحنفية يرون أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءاً داخلاً في حقيقته، وهذا خاص في الإيجاب والقبول، أما الموصي والموصى له، والموصى به فهي من لوازم العقد، وليست جزءاً من حقيقة العقد، وإن كان يتوقف عليها وجوده.
بينما الجمهور يرون أن الركن: ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلاً، سواء أكان جزءاً من حقيقته أم لم يكن، ووجود الوصية يتوقف على الموصي، والموصى له، والموصى به، وإن لم يكن هؤلاء جزءاً من حقيقته.
ومذهب الحنفية أجود، وأدق في الجملة، والجمهور لا يطرد في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل ركناً في مثل عقد الوصية وعقد البيع والنكاح، ولا يجعلونه ركناً في العبادات كالصلاة والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.
هذا بيان لسبب الخلاف بين الحنفية والجمهور في ركن العقد.
أما الخلاف في عقد الوصية فالخلاف فيه أكثر من الخلاف في ركن العقد، ذلك أن الوصية أحيانًا تأخذ شكل الوقف إذا كان على جهة لا تملك، أو كان على عدد لا يمكن حصرهم، والقبول في هذه الحالة ليس ركنًا ولا شرطًا، بل تنعقد بالإيجاب وحده كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وإذا كانت الوصية لمعين كان لابد فيها من القبول لا من أجل أن العقد لا ينعقد إلا بالإيجاب والقبول، بل لأجل ألا يدخل ملك الإنسان مال من غيره إلا