للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجه قول الشافعية]

القياس يقتضي وجوب الموالاة بين الإيجاب والقبول، كما يجب الموالاة في رد السلام، كما لو قال كلامًا وأراد أن يلحق به استثناء، أو شرطًا، أو عطفًا، وجب ألا يكون بينهما فاصل أجنبي، أو فاصل طويل، وكما تجب الموالاة بين الرضعات الخمس، وتجب الموالاة في قراءة الفاتحة، فإن السكوت الطويل يقطع موالاتها.

[ويرد عليهم]

بأن أكثر هذه الأمور تصدر من شخص واحد كالاستثناء، والقراءة، وقد يحتمل من شخصين ما لا يحتمل من واحد، وقد يشدد في باب العبادات ما لا يشدد في غيره، بل إن الحكم يختلف باختلاف الأبواب كما ذكر السبكي، فرب باب يطلب فيه من الاتصال ما لا يطلب في غيره، وقد يغتفر من السكوت ما لا يغتفر من الكلام، ومن الكلام المتعلق بالعقد ما لا يغتفر من الأجنبي، ومن الفاصل بعذر ما لا يغتفر من غيره، فصارت مراتب، أقطعها للاتصال كلام كثير أجنبي، وأبعدها عنه سكوت يسير لعذر، وبينهما مراتب لا تخفى (١).

توجيه ما ذكره الدسوقي: أن التفرق لا يؤثر في بيع المزايدة.

قال الدسوقي: «وللبائع إلزام المشتري في المزايدة، ولو طال الزمان، أو انفض المجلس، حيث لم يجر العرف بعدم إلزامه» (٢).

احتج الدسوقي بالعرف، ومعلوم أن ما تعارف عليه الناس يجري مجرى الشرط بينهم، فهو يتكلم عن مجتمع خاص جرى العرف بينهم أن ما بيع


(١) الأشباه والنظائر (ص: ٤٠٩).
(٢) حاشية الدسوقي (٣/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>