وحتى نعرف القول الراجح لا بد لنا من معرفة مقصد الشارع من تشريع ما يسمى بخيار المجلس، هل قصد احترام المجلس (مكان التبايع) لذات المجلس، أو قصد أن يكون هناك فترة من الزمن بعد الإيجاب والقبول يتروى فيها كل من المتعاقدين خشية أن يكون تسرع في الصفقة، لأن البيع قد يقع فجأة من غير ترو ولا نظر، فجعل الشارع هذا الخيار ليحق له الرجوع، وإذا كان المقصود بالمفارقة هو مفارقة مكان التبايع فالمكان قائم في كل صفقة، فالحكم يتعلق بمكانهما إن كانا حاضرين، أو تعلق الحكم باتصالهما إن كانا غائبين، وليس من شرط قيامه اتحاد المكان، وقد ناقشت فيما سبق المكان في حالة البيع بالمكاتبة والمراسلة، فهنا المكان هو مكان الاتصال، فإذا انقطع الاتصال بين المتصلين فقد افترقا.
[المسألة الثالثة]
البيع بالتلفون لا يصح فيما يشترط فيه القبض الفوري إلا إذا تم القبض بعد انتهاء المكالمة مباشرة، كأن يكون لكل واحد منهما عند الآخر وكيل بالقبض مثلًا، أو نحو ذلك، فالعقود في الأموال الربوية لا يتم فيها العقد بالهاتف إلا مع هذا الضابط.