وإن كان المقصود من التعاون أن يؤخذ من مجموع مال المستأمنين فيدفع إلى من يحتاج منهم، فهذا موجود في التأمين التجاري، كما هو موجود في التأمين التعاوني؛ لأن التأمين لا يمكن أن يقوم بين مستأمن ومؤمن وحده، وإلا كانت العملية خاسرة من كل الوجوه، وإنما العقد يقوم بين شركة التأمين وبين مجموعة كبيرة من المستأمنين، بحيث من تعرضت منهم بضاعته للتلف أمكن تعويضه من مجموع مال المستأمنين، وهذا حقيقة التعاون، وهو موجود فيهما (التجاري والتعاوني)(١).
[الأمر الرابع]
كون الهدف من التأمين تحقيق أكبر قدر من الربح، فهذا لا يقتضي أبدًا تحريم المعاملة، لأن طلب الربح أمر مشروع كما بينت سابقًا، ولولا طلب الربح ما قام التأمين التعاوني أيضًا، لأن التأمين التعاوني نفسه لا يمكن أن يتم طوعًا بلا أجر، ولولا ذلك لما رضي أحد بالعمل به، ولو رضي لما قام به على الوجه المطلوب، فالربح الموجود في التأمين التجاري، يقابله الأجر الموجود بالتأمين التعاوني، إذا كان نصيب شركات التأمين التعاونية العمل بالأجرة، أو الربح إن عملوا فيه بالمضاربة، فالربح موجود في التأمين التعاوني كما هو موجود في التأمين التجاري، وإذا كان التأمين التجاري أكثر ربحًا، فيمكن العمل على أن يكون الربح معتدلًا وذلك عن طريق فتح باب المنافسة لشركات التأمين الأخرى، ومراقبة الدولة وذلك بوضع الأنظمة التي تحد من استغلالها.
ونتيجة هذا النقاش أرى أن قياس التأمين التجاري على التأمين التعاوني بالحكم قياس صحيح، وأن القول بجواز التأمين التعاوني يؤدي إلى القول