وتستطيع من خلال الإحصاءات الدقيقة والأسس الفنية أن تعرف نسبة ما قد تنفقه من تعويضات، مقابل هذا الضمان، وما تربحه مقابل ذلك.
فإن قيل: هل يجوز التعاقد على الضمان، أو لا يجوز بذل العوض إلا إذا كان في مقابلته إما مال، وإما عمل؟
فالجواب: لا مانع شرعًا من دفع المال في مقابل ضمان الأعيان، إذا كان لا يترتب على ذلك محذور شرعي، حتى ولو لم يحصل تعويض، فالضمان بحد ذاته له قيمة مالية، كما سيتبين لك من خلال مناقشة الأدلة القادمة، فإن ترتب على الضمان محذور شرعي كما لو أدى الضمان إلى قرض جر نفعًا حرم أخذ العوض على الضمان، وسيأتي مزيد إيضاح لهذه المسألة إن شاء الله تعالى.
ثانيًا: إذا سلم الشيخ الصديق محمد الضرير بأن الغرر في جانب المؤمن (شركة التأمين) هو غرر يسير، مع أن شركة التأمين هي في الحقيقة من يتحمل تبعات الأخطار، والغرم في حقها قد يكون كبيرًا جدًا، فإن الغرر في جانب المستأمن يجب أن يكون يسيرًا جدًا من باب أولى؛ لأن المبلغ الذي سوف يدفعه، هو مبلغ زهيد جدًا، مقابل إقدامه على المخاطرة بنفس مطمئنة، وقد أخذنا تأمين الرخصة مثالًا لذلك، وبينا انتفاء الغرر في حق المستأمن فأغنى ذلك عن تكراره.
[الوجه الثاني: التسليم بأن عقد التأمين فيه غرر، ولكنه غرر غير مؤثر.]
هناك فريق من العلماء ممن أجاز التأمين يسلم بأن عقد التأمين فيه غرر، ولكنه يقول: ليس كل غرر مؤثرًا في صحة العقد، وإنما الغرر المؤثر في العقد هو الغرر الذي يؤدي إلى التنازع، والغرر الذي في عقد التأمين لا يؤدي إلى نزاع.