أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه، مع أن الثمن يكون في المبيع مجهولًا لاقتران السلف به.
وقد روي عن محمد بن أحمد بن سهل البرمكي أنه سأل عن هذه المسألة إسماعيل بن إسحاق المالكي، فقال له: ما الفرق بين السلف والبيع، وبين رجل باع غلامًا بمائة دينار، وزق خمر، فلما عقد البيع، قال: أنا أدع الزق، قال: وهذا البيع مفسوخ عند العلماء بإجماع.
فأجاب إسماعيل عن هذا بجواب لا تقوم به حجة، وهو أن قال له: الفرق بينهما: أن مشترط السلف مخير في تركه أو عدم تركه، وليس كذلك مسألة زق الخمر. قال ابن رشد: وهذا الجواب هو نفس الشيء الذي طولب فيه بالفرق، وذلك أن يقال له: لما كان هنا مخيرًا، ولم يكن هنالك مخيرًا في أن يترك الزق، ويصح البيع، والأشبه أن يقال: إن التحريم هاهنا لم يكن لشيء محرم بعينه، وهو السلف؛ لأن السلف مباح، وإنما وقع التحريم من أجل الاقتران، أعني اقتران البيع به، وكذلك البيع في نفسه جائزًا، وإنما امتنع من قبل اقتران الشرط به، وهنالك إنما امتنع البيع من أجل اقتران شيء محرم لعينه به، لا أنه شيء محرم من قبل الشرط.
ونكتة المسألة: هل إذا لحق الفساد بالبيع من قبل الشرط يرتفع الفساد إذا ارتفع الشرط أم لا يرتفع، كما لا يرتفع الفساد اللاحق للبيع الحلال من أجل اقتران المحرم العين به. وهذا ينبني على أصل آخر هو: هل هذا الفساد حكمي أو معقول، فإن قلنا: