للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن قدامة: «ولا يجوز تعليق ابتداء الوقف على شرط في الحياة، مثل أن يقول: إذا جاء رأس الشهر فداري وقف، أو فرسي حبيس .... ونحو ذلك، ولا نعلم في هذا خلافًا؛ لأنه نقل للملك فيما لم يبن على التغليب والسراية، فلم يجز تعليقه على شرط كالهبة» (١).

[وأجيب]

يرد على هذا بنحو ما رد به على الدليل السابق، بأن تعليق الهبة على شرط مختلف في صحته: فالجمهور على منعه (٢).

وخالف في ذلك المالكية، وبه قال الحارثي من الحنابلة، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم، حيث ذهبوا إلى جواز تعليق الهبة على شرط (٣).

وإذا كان الحكم مختلفًا فيه لم يصح القياس عليه، ذلك أن القياس حجة، ودليل من الأدلة الشرعية، وإذا كان الأصل المقيس عليه مختلفًا فيه، لم يكن القياس عليه حجة تلزم المخالف.


(١) المغني (٥/ ٣٦٦)، وقول ابن قدامة نقل للملك فيما لم يبن على التغليب يقصد والله أعلم ما ورد في العبد يكون بين شركاء، فيعتق أحدهم نصيبه، فإن العتق يسري إلى بقية الشركاء بشرط أن يكون للمعتق مال، فكانت سراية العتق معلقة على وجود مال في ملك المعتق، والله أعلم.
فقد روى البخاري في صحيحه (٢٥٢٢) من طريق مالك، عن نافع،
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - عليه السلام - قال: من أعتق شركًا له في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم العبد قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه، وإلا فقد عتق منه ما عتق.
(٢) حاشية ابن عابدين (٤/ ٣٤١)، الوسيط (٤/ ٢٦٨)، المغني (٥/ ٣٨٤).
(٣) سد الذرائع وتحريم الحيل (٣/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>