وانتقيت من أجل ذلك سلع يكثر استعمالها، وتشتد الحاجة إليها في بيئة خاصة، كالحبوب الغذائية، والملح، والجلود، وما إلى ذلك.
ولكن استعمال هذه السلع في التبادل كان فيه من مشاكل الحمل والنقل ما لا يخفى، فلما كثر العمران، وازدادت الحاجة، وكثرت المبادلات شعر الناس بحاجة إلى اختيار نقد يخف حمله، ويتوفر ثقة الناس فيه، وبهذه انتهت المرحلة الثانية في تاريخ النظام النقدي لتبدأ المرحة الثالثة.
[المرحلة الثالثة]
في هذه المرحة توجه الناس إلى استخدام الذهب والفضة كأثمان في المبادلات لقيمتها ا لذاتية في صنع الحلي، والأواني، ولسهولة حملها، وادخارها، حتى أصبح هذان المعدنان عيارًا للقيمة يعتمد الناس عليها في جميع البلاد والأقطار، وقد مر على هذا النظام تطورات كثيرة، نستطيع أن نلخصها بما يلي:
في بداية استخدام الذهب والفضة كأثمان كان الناس يستعملونهما على شكل قطع متباينة الحجم، والوزن، والنقاء، سواء كانت تبرًا، أو مصوغة في صورة الحلي، أو الأواني وغيرها، وكان التعامل بها يتم بالوزن.
ثم شرع الناس في سبك النقود من الذهب في بعض البلاد، ومن الفضة في بلاد أخرى، كوحدات متساوية في الحجم والوزن والنقاء، مختومة بختم رسمي يشهد بسلامتها، وقابليتها للتداول، وكانت قيمة القطعة الاسمية مساوية لقيمة ما تحتويه من ذهب أو فضة.
وجد الناس أن القطع النقدية سواء كانت من الذهب أو الفضة، وإن كان يخف حملها بالنسبة إلى السلع النقدية، ولكنها في جانب آخر يسهل سرقتها في