فيؤخذ من هذا النص أن القرض كما يكون للفقير يكون للغني، وأن الإقراض يجوز بقصد حفظ المال، ولا يشترط أن يكون القرض بقصد الإرفاق والإحسان.
وقد ذكر الفقهاء أن ولي اليتيم إذا خاف على ماله من السرقة فإنه أفضل في حقه أن يقرضه شخصًا أمينًا مليئًا على أن يودعه لدى شخص أمين؛ لأنه في حال القرض يكون المال مضمونًا على المقترض بخلاف الوديعة فإنها ليست مضمونة، ومع كون الباعث على الإقراض هو حفظ المال لم يخرج العقد إلى الوديعة، بل بقي قرضًا، وإن كان غرضه الأساسي هو حفظ مال اليتيم، وليس نفع المقترض.
[الدليل الخامس]
أن التكييف بأن الودائع الجارية هي وديعة حقيقية فيه مصلحة للعميل، لأننا إذا كيفنا الودائع الجارية بأنها قرض، ففيه مخاطرة بماله، وتعريض للضياع وذلك في حالة إفلاس المصرف لأي سبب من الأسباب؛ لأنه إذا اعتبر العميل مقرضًا للمصرف فإنه يدخل بحصته منافسًا مع بقية الغرماء الآخرين من أصحاب القروض وغيرهم، بخلاف ما لو اعتبرناها وديعة حقيقية، فإنه في مثل هذه الحالة يكون له الحق بأخذ وديعته أولًا باعتبارها أمانة، وذلك من غير أن يدخل منافسًا بحصته مع غرماء المصرف الآخرين (١).
[ويناقش]
هذه المصلحة لا يمكن اعتبارها لسببين:
(١) انظر القانون التجاري المصري (٢/ ٣٦٨) نقلًا من المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق د. عبد الرزاق الهيتي (ص: ٢٦٣).