[الدليل الثاني]
أن الله سبحانه وتعالى لم يقدر بعض الحقوق، وإنما جعل تقديرها راجعًا إلى عرف الناس، وهذا دليل على تحكيم العرف.
قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٣٣].
قال ابن تيمية: «الصواب المقطوع به عند جمهور العلماء أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف، وليست مقدرة بالشرع، بل تختلف باختلاف أحوال البلد والأزمنة، وحال الزوجين وعادتهما، فإن الله تعالى يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:١٩] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف (١).
وقال: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» (٢) (٣).
وقال تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٣٦].
وكل مطلقة لها على زوجها أن يمتعها ويعطيها ما يناسبها ويناسب حاله وحالها، وهذا يرجع إلى العرف، وهو يختلف باختلاف الأحوال.
وقال تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩].
(١) رواه البخاري (٥٣٦٤) من طريق هشام، قال أخبرني أبي،
عن عائشة، أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. ورواه مسلم بنحوه (١٧١٤).
(٢) حديث: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) قطعة من حديث جابر في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه مسلم (١٢١٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٣٤/ ٨٣).