للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عينه، بقطع تصرفه وغيره في رقبته، يصرف ريعه إلى جهة بر تقربًا إلى الله تعالى» (١).

فقولهم: (مالك) فلا بد أن يكون الواقف مالكًا للموقوف، أو مأذونًا له فيه؛ لأنه إخراج لمنفعة المال من ملك صاحبها إلى غيره، فلا بد من وجود سلطة له على المال من ملك أو إذن.

وقولهم: (مطلق التصرف) قيد أخرج به المحجور عليه لسبب من أسباب الحجر المعتبرة شرعًا.

وقوله: (مع بقاء عينه) أي فلا يصح عند الحنابلة وقف ما لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه، كالطعام مثلًا، وسيأتي بحث هذه المسألة إن شاء الله تعالى.

وقوله: (إلى جهة بر) فيه إشارة إلى اشتراط القربة في الوقف، إذا كان الوقف على جهة، ويخرج به إذا كان الوقف على شخص، فيصح، ولو لم يكن قربة، إذا كان لغرض مباح.

[تعريف آخر عند الحنابلة]

قال ابن قدامة في تعريف الوقف: «معناه تحبيس الأصل، وتسبيل الثمرة» (٢).

ويقصد بالثمرة: المنفعة؛ لأن ثمرة العقار ونحوه منفعته.

وهذا التعريف قريب من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض ألفاظ الحديث: (احبس أصلها، وسبل ثمرتها) رواه النسائي وغيره (٣).


(١) الإنصاف (٧/ ٣)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٣٩٧).
(٢) المغني (٥/ ٣٤٨)، وانظر الإنصاف (٧/ ٣).
(٣) رواه النسائي (٣٦٠٣)، وابن ماجه (٢٤٨٦)، وابن خزيمة (٤/ ١١٩)، وابن حبان (٤٨٩٩)، والدارقطني (٤/ ١٩٣)، والبيهقي (٤/ ٩٥) من طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. وهو حديث صحيح. وانظر إتحاف المهرة (١٠٨٤١)، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى بأكمل من هذا عند تخريج قوله - عليه السلام -: (تصدق بأصله).

<<  <  ج: ص:  >  >>