للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن ذلك من باب أذيتهم، وهي منهي عنها. وقد نقل ابن حجر عن القرطبي أنه قال: «وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) معناه: لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكرامًا لهم، واحترامًا» (١).

أما حقوقهم فلا يعتدى عليها؛ وإذا كان يحرم الاعتداء على أموالهم فكذلك لا يجوز الاعتداء على الحقوق المتعلقة بالمال؛ وإذا كنا نصحح مشاركتهم، فجميع الحقوق المتعلقة بالشركة مستحقة لهم ومنها استحقاق الشفعة عند قيام سببها.

[الدليل الثالث]

أن الشفعة من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فلا حق للذمي فيها، ونكتة هذا الاستدلال: أن الشفعة من حق المالك لا من حق الملك (٢).

[ويناقش]

نعم الشفعة من حقوق المالك لكنها بسبب الملك، ولذلك أثبت الحنابلة الشفعة للذمي على مثله، ولو كانت مستفادة بسبب الإسلام لم تثبت الشفعة للذمي على مثله؛ لأنه لا إسلام بينهما (٣).

[الدليل الرابع]

الشفعة معنى يختص بالعقار فأشبه الاستعلاء في البنيان، فإذا كان الكافر يمنع من الاستعلاء على المسلم مع أن ذلك تصرف في هواء ملكه المختص به،


(١) فتح الباري (١١/ ٤٠).
(٢) أحكام أهل الذمة (١/ ٥٩٢).
(٣) إثبات الشفعة للذمي على مثله فيه خلاف بين الفقهاء، والراجح ما ذهب إليه المالكية وأنه لا يقضى بينهما بالشفعة إلا أن يتحاكموا إلينا. انظر المدونة (٥/ ٤٥٣)، مواهب الجليل (٥/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>