للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما حديث جابر الثاني ـ يعني حديث: لو بعت من أخيك ثمرًا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا ـ فمعناه غير هذا المعنى، وذلك أنه ذكر فيه البيع، ولم يذكر فيه القبض، فذلك عندنا على البياعات التي تصاب في أيدي بائعيها قبل قبض المشتري لها، فلا يحل للباعة أخذ أثمانها؛ لأنهم يأخذونها بغير حق، فهذا تأويل هذا الحديث عندهم، فأما ما قبضه المشترون، وصار في أيديهم، فذلك كسائر البياعات التي يقبضها المشترون لها، فيحدث بها الآفات في أيديهم، فكما كان غير الثمار يذهب من أموال المشترين لها، لا من أموال باعتها، فكذلك الثمار» (١).

[ويناقش]

القول بأنه تلف قبل القبض ممنوع، بل نقول: ذلك تلف قبل تمام القبض وكماله؛ لأن البائع عليه تمام التربية من سقي الثمر إلى أوان الجذاذ، حتى لو ترك ذلك لكان مفرطًا، ولو فرض أن البائع فعل ما يقدر عليه من التخلية، فالمشتري إنما عليه أن يقبضه على الوجه المعروف المعتاد. فقد وجد التسليم دون تمام التسلم ... (٢).

وقد ناقشت عند الكلام على قبض المبيع: قبض الثمار على الشجر، هل يعتبر قبضًا تامًا، أو قبضًا ناقصًا هناك، فراجعه غير مأمور.

[الوجه الثاني]

حمل حديث جابر على الندب، وعللوا ذلك بأنه لو كان الأمر بوضع الجوائح للوجوب مطلقًا، لم يكن لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها فائدة،


(١) شرح معاني الآثار (٤/ ٣٥).
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٠/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>